نفى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الإثنين، أي وجود لخلفية سياسية وراء اعتقال بافل دوروف، مؤسس تطبيق “تلغرام”، الذي أمضى يوماً ثانياً في الحجز عقب اعتقاله المفاجئ في مطار بباريس. تأتي هذه التصريحات بعد أن أثار توقيت وظروف اعتقال دوروف تساؤلات عديدة في الأوساط الإعلامية والسياسية.
دوروف، المعروف بأنه أحد أبرز أقطاب التكنولوجيا في العالم، متهم بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انتشار المحتوى غير القانوني على منصة “تلغرام”، التي تضم أكثر من 900 مليون مستخدم. ورغم هذه الاتهامات، نفى تطبيق “تلغرام” صحة الادعاءات الموجهة إليه، مشيراً إلى التزامه بقوانين حماية المستخدمين.
وقد كتب ماكرون على منصة “إكس” تصحيحاً للمعلومات التي وصفها بالكاذبة والتي تتعلق بالقضية. وأكد في تغريدته أن اعتقال دوروف جاء في إطار تحقيق قضائي لا يزال جارياً، وليس له أي دوافع سياسية. وأوضح أن القرار جاء نتيجة لعمل القضاة الذين يتولون القضية، في إشارة إلى احترام استقلالية القضاء الفرنسي.
بافل دوروف، الذي ولد في الحقبة السوفياتية لعائلة مثقفين في لينينغراد (التي تعرف اليوم بسانت بطرسبرغ)، أمضى طفولته في إيطاليا قبل أن يعود إلى روسيا ويؤسس شبكة “فكونتاكتي” (VK)، والتي أصبحت أكبر شبكة اجتماعية في روسيا. في العشرينيات من عمره، بعد نجاحه في تأسيس “فكونتاكتي”، قرر دوروف مغادرة روسيا بسبب الخلافات مع السلطات الروسية. عقب مغادرته، أسس تطبيق “تلغرام” الذي أصبح منصة تواصل مشهورة عالمياً بفضل ميزاته المتقدمة في حماية الخصوصية.
وتُقدر مجلة فوربس ثروة بافل دوروف حالياً بنحو 15.5 مليار دولار، ما يجعله واحداً من أثرى رواد الأعمال في العالم. يحمل دوروف جواز سفر فرنسياً بجانب جنسيته الروسية، مما يزيد من تعقيد قضيته الحالية.
التحقيق الجاري مع دوروف يمثل تحدياً كبيراً لكل من الشركة ومؤسسها، خاصة في ظل النمو الكبير الذي يشهده “تلغرام” عالمياً. فمنصة “تلغرام” تُعتبر واحدة من أكثر التطبيقات أماناً وخصوصية، مما يجعلها مفضلة لدى العديد من المستخدمين حول العالم. ومع ذلك، فإن هذه الخصائص نفسها تُثير الجدل بشأن استخدام المنصة لنشر محتويات غير قانونية.
وفي الوقت الذي تتابع فيه الأوساط السياسية والإعلامية هذا التطور، يبقى السؤال مفتوحاً حول مستقبل دوروف وتطبيق “تلغرام”، وما إذا كانت هذه القضية ستؤثر على نمو التطبيق واستمراريته كواحد من أهم وسائل التواصل الحديثة. تُظهر تصريحات ماكرون تأكيداً على استقلالية القضاء الفرنسي، لكنه في الوقت نفسه يفتح باب التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين التكنولوجيا الحديثة والرقابة القانونية.