“الأزمة الاقتصادية في المغرب”: واقع مرير وتحديات مستقبلية
بقلم: الأستاذ محمد عيدني
Le point diplomatique
يشهد المغرب في الفترة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا، في مستويات التضخم وارتفاع الأسعار، حيث أصبحت الحياة اليومية تقترب من حدود الندرة، وخاصة فيما يتعلق بالمصاريف اليومية، من مأكولات ومواصلات وسكن، الأزمة الاقتصادية الحالية ليست مجرد نتائج لمشكلات عابرة، بل تعكس تراكمات طويلة الأمد، تتطلب نهجًا دقيقًا وفهمًا عميقًا للواقع الذي تعيشه البلاد.
إن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، من فواكه وخضر ومواد غذائية، إضافة إلى غلاء المواصلات وارتفاع أسعار العقارات، والمنازل المفروشة، قد جعل من حياة الكثيرين مهمة شبه مستحيلة، والأمر لا يقتصر على المواطن البسيط، بل يتعداه إلى شريحة واسعة، من المجتمع تتعرض لضغط اقتصادي متزايد، مع تدهور القدرة الشرائية وغياب حلول جذرية من قبل السلطات المختصة.
أما بخصوص قطاع الطاقة، خاصة سعر النفط، فإن العالم يشهد ارتفاعات ملحوظة في الأسعار، لكن المغرب الذي اعتاد على أن يكون سعر النفط فيه منخفضًا، يعاني اليوم من ظاهرة غريبة، حيث أن استمرار غلاءه يدفع البلاد إلى مزيد من العجز الاقتصادي، رغم أن الخبراء كانوا قد طالبوا منذ سنوات بتخفيض الاعتماد على النفط واستثمار أوضاع جديدة لتحسين الوضع.
ومع كل ذلك، يطرح سؤالاً ملحًا: من هو المسؤول عن تفاقم هذه الأوضاع؟ هل هو الحكومة التي فشلت في ضبط السوق والسيطرة على الأسعار؟ أم المواطن الذي يعاني من ضعف القدرة على التفاعل مع مجريات الأحداث، أو المسؤولون الذين يقفون على رأس الهرم الاقتصادي ولا يتحملون مسؤولياتهم في حماية مصالح البلاد والشعب؟ ألا ينبغي أن يكون هناك رقيب يراقب الأسواق ويعمل على حماية المستهلك من جشع التجار واحتكار المواد الأساسية؟
الجواب يتجلى في ضرورة إدراك أن المشكلة ليست فردية، وإنما منظومة متكاملة تتطلب تلاحمًا بين جميع الأطراف. الحكومة ملزمة بسن قوانين تنظيمية صارمة، وتوفير آليات دعم فعالة للفئات الضعيفة، وتشجيع الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد في المواد الغذائية والطاقة، أما المواطن، فملزم بالمشاركة في مسئولية تقليل الاستهلاك والتفاعل مع السياسات التي تهدف إلى تحسين الوضع.
وفي النهاية، فإن الأمل يبقى معلقًا على وعي الجميع بأهمية العمل الجماعي والتكاتف من أجل تجاوز هذه الأزمة. فالمعركة ليست سهلة، ولكن بالإرادة والتخطيط الاستراتيجي، يمكن للبلاد أن تعبر محنتها وتعود إلى مسار التنمية المستدامة.