جريدة إلكترونية تهتم بالأخبار الدبلوماسية

تصعيد عسكري في دارفور ووضع إنساني “مأساوي” يتفاقم

le point diplomatique

في أحدث تطورات الحرب المستعرة في السودان، أعلن قادة عسكريون بارزون تحركات عسكرية جديدة نحو إقليم دارفور، بينما كشفت منظمات إنسانية عن تفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون في الإقليم، خاصة بعد سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع.

تطورات الميدان العسكري: تحركات نحو الغرب وتطهير للصفوف
أعلن مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان، في خطاب أمام قوات سلاح المدرعات في الخرطوم، أن رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أمر بالتقدم نحو الغرب حيث يقع إقليم دارفور. وتعهد مناوي بالتحرك غرباً “لتحرير كل السودان وصولاً لأقصى نقطة في أم دافوق”.

في سياق متصل، شن مناوي هجوماً لاذعاً على قوات الدعم السريع، قائلاً إن “لا أحد يستطيع طمس آثار الجرائم التي ارتكبها قادة قوات الدعم السريع”. ووصف اعتقال هذه القوات لأحد قادتها الميدانيين، الفاتح إدريس (المعروف بأبو لولو)، واتهامه بارتكاب جرائم بحق المدنيين في الفاشر، بأنه “مسرحية سياسية لن تغير من الحقائق”.

من جهته، أعرب عبد العزيز عشَر، مستشار رئيس حركة العدل والمساواة، عن استمرار التحالف العسكري القائم، مؤكداً أن “القوات المشتركة المكونة من الحركات المسلحة في دارفور مستمرة في القتال مع الجيش السوداني في خندق واحد”. جاء ذلك في كلمة أثناء تخريج قوات بسلاح المدرعات، مما يشير إلى استمرار تحالف القوى العسكرية المختلفة في مواجهة قوات الدعم السريع.

الكارثة الإنسانية: نازحون “في حالة مأساوية” ومجاعة تهدد الآلاف
على الصعيد الإنساني، كشفت منظمة أطباء بلا حدود عن تدهور مرعب للأوضاع في دارفور. حيث قالت ألين سيرين، رئيسة بعثة المنظمة في السودان، إن النازحين من مدينة الفاشر يصلون إلى منطقة “طويلة” في حالة مأساوية ويعانون من أوضاع بالغة السوء.

وأفادت سيرين في مقابلة مع وكالة الأناضول بأن أكثر من 5 آلاف نازح وصلوا إلى طويلة خلال أسبوع واحد فقط، مشيرة إلى أن جميع الأطفال الذين وصلوا يعانون من سوء التغذية، وأكثر من 50% منهم في حالة حرجة.

هذه الصورة القاتمة تؤكدها تقارير أممية حديثة حذرت من أن السودان يعيش “أسوأ أزمة إنسانية ونزوح في العالم”، حيث يواجه أكثر من 30 مليون شخص حاجة ماسة للمساعدة الإنسانية، مع نزوح 9.6 مليون شخص داخلياً وفرار 4.3 مليون إلى البلدان المجاورة.

الفاشر: مدينة تتحول إلى “ساحة إبادة” جديدة
تصاعدت المأساة الإنسانية بعد سقوط مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، في يد قوات الدعم السريع في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقد وصفت منظمات إنسانية دولية ما حدث بأنه تحول المدينة إلى “ساحة إبادة جديدة” تشبه ما شهده إقليم دارفور قبل عقدين.

ووثق الناجون من المدينة مشاهد مروعة عن جثث تملأ الطرقات، وعمليات قتل عشوائية، وفتيات يُختطفن من قوافل الفارين. كما أكد شهود أن قوات الدعم السريع اقتحمت المستشفى الأخير الذي كان يعمل في المدينة وقتلت داخله أكثر من 450 شخصاً.

وأعلنت هيئة تصنيف مراحل الأمن الغذائي رسمياً وجود مجاعة في الفاشر بعد انهيار الإمدادات الغذائية وتوقف المرافق الطبية بشكل كامل.

في ظل هذه الكارثة المتعددة الأبعاد، حذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن أزمة تمويل خطيرة تضرب عمليات الإغاثة العالمية، موضحة أن نداء الأمم المتحدة لجمع المساعدات للسودان لم يمول سوى بنسبة 25% فقط، مما يجعل تلبية الاحتياجات الإنسانية شبه مستحيلة.

ودعت سيرين جميع أطراف النزاع إلى احترام القانون الإنساني الدولي وضمان حماية المدنيين، مؤكدة أن “السودانيين يتعرضون منذ اندلع القتال لموجات نزوح متكررة ولعنف مروّع فاقم معاناتهم الإنسانية”.

يذكر أن الحرب اندلعت في السودان في أبريل/نيسان 2023 بسبب خلاف بشأن المرحلة الانتقالية، مما تسبب بمجاعة ضمن إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ومقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص.