جريدة إلكترونية تهتم بالأخبار الدبلوماسية

حرية الصحافة بين الحق الدستوري والمنع النشاز من قبل مدير ديوان عمالة “سيدي سليمان”

Le point diplomatique

سيدي سليمان/ المغرب – يتعرض الزميل “عادل العود”، مراسل جريدة “أصوات” المعتمد ب”سيدي سليمان”. لسلسلة من المضايقات. مع الإقصاء الممنهج ومنعه من القيام بمهامه الإعلامية من قبل مدير ديوان عامل عمالة “إقليم سيدي سليمان”. موقف يطرح آلاف الأسئلة ويجعل هذا السلوك موضع مساءلة دستورية وقانونية. ويضعه موضع إدانة وشجب كبيرين لخطورة الخطوة وضربها لقدسية الدستور والمؤسسات والمواثيق الدولية.

وتتجلى هاته المضايقات في منع الزميل “العود” من تغطية الأنشطة الرسمية المنظمة بمقر العمالة. دون تقديم أي مبرر قانوني مقبول. فيما يتم السماح لمراسلين آخرين بأداء مهامهم في موقف تمييزي مفضوح ومستغربة خلفياته ومدان.

 

ونتساءل في جريدة Le point diplomatique عن العدالة في هذا القرار غير المؤسس. والذي يعكس إرادة ذاتية لا تمت بصلة لا لدستور 2011، الذي يعد أسمى قانون بمملكتنا الشريفة. ولا للقوانين ذات الصلة. فاتحين آلاف الاقواس حول هذا القرار ودوافعه والمنطق الذي يتحكم في اتخاذه. متسائلين، هل السيد “مدير الديوان” أسمى من القانون والدستور والتوجيهات الملكية السامية التي تجعل الصحافة في نفس الخندق الذي يتمترس فيه جنودنا البواسل دفاعا عن وحدتنا الترابية؟.

 

فحماية الصحفيين وتسهيل مهامهم والحق في الوصول للمعلومة تعد إحدى الركائز الأساسية التي نص عليها دستور 2011 وباقي القوانين المغربية ذات الصلة. فيما يغرد السيد مدير ديوان عمالة إقليم “سيدي سليمان” خارج السرب منتهجا سياسة القمع المعنوي عبر الاستفزاز وضرب حق دستوري.

 

وما يجب أن يعرفه السيد “مدير الديوان” أن الحرية الإعلامية تعد من الركائز الأساسية في بناء الديمقراطية وتعزيز الشفافية داخل المجتمعات. وهو الأمر الذي وعاه وأكد عليه نص دستور 2011 المغربي بوضوح. مشددا على ضرورة حماية هاته الحرية. حيث يلزم الدستور جميع المؤسسات الحكومية والأطراف المعنية بتسهيل مهام الصحافيين وضمان عدم تعرضهم لأي نوع من التمييز أو القمع. إلا أن واقع الحال يُظهر وجود ممارسات مناقضة لهذه المبادئ في بعض الجهات، كما هو الحال في إقليم “سيدي سليمان”. حيث يواجه الصحافيون مضايقات تحول دون أداء مهامهم بشكل طبيعي.

 

فدستور 2011 الذي يعد محطة فارقة في تعزيز حرية الصحافة بالمغرب، يكفل في مادته 28 حرية الصحافة ويضمن عدم قمع الصحافيين أو التضييق عليهم. ويُلزم المؤسسات بتوفير بيئة مهنية ملائمة تمكن الصحافيين من أداء مهامهم بحرية وموضوعية، في إطار احترام القانون.

 

كما ينص القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر على توفير حماية قانونية للصحافيين. مانعا تعرضهم لأي نوع من المضايقات أثناء ممارستهم لعملهم.

 

كما تلتزم المملكة المغربية الشريفة بالاتفاقيات الدولية التي تنص على حماية حقوق الصحافيين. ضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. الذي يؤكد على حرية التعبير وحق الصحافيين في الحصول على المعلومات وتغطية الأحداث دون عوائق.

 

وعلى الرغم من وضوح النصوص يبدو أن السيد “مدير الديوان” اختار منحى إراديا في التعامل مع المسألة الدستورية والقانونية على الرغم من وضوح هذا الإطار القانوني المتقدم. عبر تعميمه لفلسفة خاصة قوامها القمع والتمييز والاستفزاز. وهو ما يبرز تواجد عقليات معطلة لقيم الحرية التي اختارها جلالة الملك المفدى منهاج حكم. وللتنمية التي لا يمكن الحديث عنها في ظل وجود هذا النمط من الفكر التدبيري.

 

وتعكس هاته الحالة المسجلة بوضوح ضعف الالتزام بالقوانين الوطنية والدولية المتعلقة بحرية الصحافة. وهو ما تجسد من قيام “مدير ديوان” عامل عمالة “سيدي سليمان” بمنع الزميل “العود” من أداء واجبه المهني بحياد وموضوعية. فيما منح هذا الحق لبعض الصحافيين الموالين بامتيازات تتيح لهم التغطية دون مضايقات. حتى وإن لم يكونوا معتمدين بشكل رسمي. هذه السلوكيات تساهم في تكريس مناخ من القمع والتمييز الذي يتعارض مع التوجهات الديمقراطية للمملكة.

 

واقعة تقتضي تفعيل الآليات القانونية لتوفير حماية فعلية وفعالة للصحافيين وضمان تطبيق الدستور والقوانين. كما ينبغي تعزيز الرقابة على أداء المؤسسات الحكومية وإلزامها باحترام حرية الصحافة بما ينسجم مع المعايير الدولية. وتدخل الهيئات المهنية ضمنها الإطارات النقابية ذات الصلة والسلطة القضائية لتقويم هذا الاعوجاج الذي لا يعد اعتداء على حق الزميل “العود” بل اعتداء على حق المجتمع ومعيار حكم على المؤسسات القائمة.

 

فهل يعقل أن يتم إقصاء مراسل معتمد من قبل جريدة “أصوات” من تغطية حدث وطني بارز أدى المغاربة الغالي والنفيس من أجل تحرير المغرب. ألا وهو الاحتفاء بالذكرى 88 لتقديم وثيقة الاستقلال، والتي تتزامن مع 11 يناير.

 

نستغرب هذا السلوك الذي لا ينسجم لا مع القوانين الوطنية ولا القوانين الدولية ذات الصلة بالحقوق والحريات.

فما تعرض له الزميل “عادل العود” من استفزاز من طرف السيد “مدير الديوان” أثناء تغطيته لنشاط رسمي في فضاء الذاكرة بمدينة “سيدي سليمان”. غير مبرر ومرفوض. وهو اعتداء صريح على الدستور والقوانين المعمول بها في بلادنا. وهو في نفس الوقت تحقير لسلطة القضاء الذي أشر للمؤسسة لممارسة مهامها في إطار القانون والدستور. وهو بهاته الخطوة يعكس عقلية تآكلت ونبذها المغرب بلا رجعة.

 

فما معنى أن يتم استفزاز الزميل “العود” حول كيفية معرفته بتوقيت ومكان النشاط. علما أن المفروض في السيد “مدير الديوان” أن يتم إخبار كافة المؤسسات الإعلامية بشكل ديمقراطي وشفاف دون تمييز بالموعد. بدل استفزاز الإعلام والحريات والدستور بسؤال قروسطوي يعتمد التكميم منهاج تدبير. وهو ما يتقاطع مع التوجهات الرسمية. وكل ذلك في ظل تجند المغاربة وعلى رأسهم المؤسسات الإعلامية للدفاع عن القضية الوطنية والمساهمة في تحقيق التنمية والدعاية لصورة مشرقة لبلادنا وهي بصدد الإعداد لتنظيم

استحقاقات رياضية كبرى قارية وعالمية. وفي ظل برنامج وطني كبير يحصد المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، خاصة داخل القارة السمراء. لتحطم هاته العقليات هاته الجهود الكبرى بوعي منها أو لا وعي، الأمر سيان. لأن النتيجة هي تسويق صورة سلبية عن واقع الحقوق والحريات من خلال هذا السلوك الأرعن.

 

فمنع مراسل صحافي معتمد من قبل مؤسسة إعلامية وطنية هو اعتداء على قدسية الدستور. يستحق التنديد والاستنكار.

 

ومن هاته القناعة وتلافيا لكل أشكال التصعيد والمقاطعة لكافة انشطة عمالة إقليم “سيدي سليمان” تطالب “مجموعة الأمل الصحفية” السيد عامل الإقليم تحمل مسؤولياته لإيقاف هذا الشطط في استعمال السلطة. وضرب قدسية الدستور وهيبة المؤسسات القضائية. ونثمن عاليا موقف الزميل “العود” الذي قرر عدم التصعيد والانسحاب وعرض الموقف على المؤسسات العليا. كما نطالب معالي السيد وزير الداخلية لفتح تحقيق حول هاته الممارسات المشينة والعمل على تصحيح أسطرلاب الممارسة الديمقراطية كما خط فلسفتها عاهلنا المفدى نصره الله وأيده.

 

وتحمل المجموعة سعادة عامل إقليم “سيدي سليمان” ومعالي وزير الداخلية المسؤولية عن هذا الخرق. وتطالبهم بتصحيح المسار احتراما للدستور وللمواثيق الدولية وللتوجيهات الملكية السامية. قطعا لهاته الممارسات المشينة. داعية لاحترام حرية الصحافة، وتسهيل عمل المنابر الإعلامية الوطنية اثناء أدائها لمهامها دون تمييز. مع احترام مقتضيات الدستور المغربي والقانون رقم 88.13 الناصين على حماية الصحافيين من المضايقات والتضييقات والاستفزازات. وتعزيز الرقابة على أداء المسؤولين المحليين من خلال إلزامهم باحترام حقوق الصحافيين وضمان حريتهم في التغطية الإعلامية. ونحمل الإطارات النقابية ذات الصلة المسؤولية في إيقاف مثل هذا النزيف من التعدي على الحقوق والحريات دفاعا عن حقوق الصحافيين وعن حرية الصحافة.