حين سافرت مُجبراً ودعتها قبل سنوات وتركت نفسي هناك؟
وها انا هنا أستلهم جمالها وأصالتها وكل ما حواها وهي المنسية المعرضة للخطر والضياع في زمن القطيعة والحرب، وغُيرها كُثر من الفاتنات العريقات المنسيات.
هل زرتها؟
وأرتقيت أحد مرتفعاتها الطبيعية السياحية!
تصور معي كيف ستغدوا نزهتك وأنت مُطل علي مناظر الطبيعة الخلابة وتتنفس رأئتيك الهوي النقي وتحتضن روحك روعة المكان وعراقته، بخُضرة الأرض ونقاء السماءوحيثما يجتمع الماء والخضرة والوجه الحسن والحضارة التي لا تشيب ولا تأفل.
هناك لا يضيق صُدرك بل يتفتح إنشراحاً وتتشافي روحك العليلة فلا تمل ولا تكل وأنت تتأمل وتنظر بدهشة وإنبهار لصور ومشاهد حية من مفاتن الصنع الرباني البديع! بجمال الطبيعة وسحرها وكذا عراقة ماخلدته يد الإنسان قديماً من حضارة وتأريخ حاضراً أمامك بكل عراقته وتفاصيله.
بكل تأكيد وأنت علي أبواب هذه المدينة ومن أي أبوابها ومداخلها الاربعة سلكت سُتدرك واقعية إسطورة الزمان في الحضارة والتأريخ والطبيعة مشهداً ونقلاً مباشراً مستمر ومتجدد خاصة وأن هذه المدينة تملك العديد من المقومات السياحية والتأريخية فمن علي بساط التجوال والإكتشاف ستطوف طواف الدهشة والجمال لتستقبلك منازلها ودورها القديمة المتعانقة والمرصوصة كعقدٍ من ألماس علي صدر فاتنة غيداء ذات حسب ونسب وتأريخ ضارب في عمق الحضارات اليمنية والإسلامية القديمة وقباب ومأذن مساجدها الأثرية الشامخة التي تعانق زرقة السماء بطرازها المعماري الاسلامي الجميل.
حيث ستلاحظ تميز عماراتها الفريدة التي جمعت بين الطراز الإسلامي والطراز اليمني الأصيل مما جعلها تحفة معمارية فريدة.
مروراً بأسواقها الشعبية القديمة التي تُعرض فيها الحرف اليدوية والمنتجات الزراعية المحلية وستكتشف وأنت في هذه المدينة الخالدة التأريخ تأريخ اليمن العريق والتعرف علي حضاراته المتعاقبة.
كم هي المساءات دافئة وجميلة في ه أحياء هذه المدينة التأريخية تفوح من جنبات سواقيها ووديانها رائحة (الكاذي) الطري ويتسرب اليك البخور من منازلها العتيقة كعاشق تسلل خلسة لينتشر طيباً وعطراً ودفئاً علي حاراتها وأزقتها وكل من حل فيها وامسي.
وفي صباحاتها المنعشة وعلي إمتداد مدارب السيل لا يمكن أن تغفل مشهد إخضرار مدرجاتها وسفوح وديانها الزراعية وتمايل سنابل الذرة بتواضع خير ثمارها المتناغم مع أصوات الصبايا حاملات الشريم والدنياء تُبزغ شمسها وتودع غبشها
في البكور.
هل عرفتها؟ إنها مدينة (النهرين) _مدينة جبله التأريخية إحدي المدن التأريخية والسياحية اليمنية القديمة وتقع ضمن مديريات محافطة إب التي تُعد المحافظة السياحية الاولي في اليمن.
الحديث سيطول أن أنا أبحرت في ذكر وشرح ما تحتويه وتتميز به مدينة جبله من مقومات سياحية ومواقع وديور ومساجد وجسور أثرية قديمة.
لكن الأنكي والطعنة القاتلة التي لا ترحم هي كيف تحول هذا الحب وهذا الجمال الي إهمال وقسوة! كيف تحولت هذه المدينة وكثير من المدن اليمنية السياحيةالتأريخية الي مدن منسية وضحايا للإهمال والعبث والإندثار في زمن الصراعات والحروب
حين تستباح وتُهدر كل مقومات السياحة وتتحول المواقع والاماكن الأثرية الي متارس للموت وأسري للحروب والقوالب الاسمنتية القبيحة المستحدثة
وكم هو موجع ومحزن جداً حين تندثر مدننا التأريخية ويذبل جمالها وعراقتها تحت أنقاض الإعتداء والتشوية والنسيان الجاحد،طمساً للهوية الوطنية والحضارية والتأريخية.
وكم هي الحروب والصراعات قاسية وبشعة حين تجعل الإنسان يؤذي ماضية ويعرض تراثه وحضارته للخطر المحدق ويسحق حاضرة ويصادر مستقبل جيل وتأريخ أمة بأكملها.
وللأسف الشديد المدن التأريخية السياحية والمواقع الأثرية في اليمن علي حافة الإنهيار السحيق فقد غدت منسية وتعرضت للهدم والتشوية والإنهيار والإندثار كمدينة جبلة التأريخية ومدينة زبيد وغيرها من المدن والقلاع والحصون التأريخيةوفي ظل هكذا ظروف صعبة يعيشها اليمن لا يعني أنه يمكن السكوت عن ذلك مهما كانت الظروف بل يجب أن نتذكر أن التراث هو جزء من هويتنا، وتأريخنا وأن حمايته هي حماية لذاتنا. ولا يمكننا أن نسمح للقسوة والإهمال بتدمير جمالنا التاريخي والحضاري.وعراقة مدننا التأريخية ولن يكون ذلكم الفجور الذي يستهدف الأثار والمدن التأريخية سبباً نبني عليه يأسنا وضعفنا في مسؤولية الحفاظ علي ماضينا الذي نعتز به لنا ولأجيالتا القادمة وذلك من خلالنا كأفراد ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني في تحقيق وعي متقد ومسؤول في سبيل الحفاظ علي مدننا التأريخيةولندرك بأنه من لم يعتز ويحافظ علي ماضية الحضاري والتأريخي لا يمكنه الأرتقاء قُدماً بحاضره ولن ينجح بمستقبله المنشود ومن المهم جداً أن يتحرك المجتمع والإعلام والنخب المثقفة لإنقاذ التراث والحفاظ علي الأثار والمدن التأريخية فصوت الإعلام هو صوت الحقيقة في تحقيق الوعي ونبض النُخب هو نبض الحضارة. فهما المفتاحان لحماية ماضينا وتخليد تأريخنا وحضارتنا
و تعزيز السياحة في وطننا الحبيب ووطننا العربي الكبير .مهما كانت المنغصات والمعوقات فبرسالة الإعلام السياحي يمكننا أن نرفع الوعي ونحمي كنوزنا السياحية والأثرية ونعرف العالم بتراثنا وإرثنا الحضاري والثقافي الذي نعتز به. فالإعلام القوي والهادف يحقق أهدافه ورسالته حتى في أصعب الأوقات، ولنجعل عامنا هذا 2025م هو عام الإعلام السياحي لتعزيز ونشر الوعي للحفاظ وحماية المدن التأريخية في ربوع وطننا الحبيب والوطن العربي الكبير