جريدة إلكترونية تهتم بالأخبار الدبلوماسية

مواجهة الحقيقة في مجتمعات الأوهام: لماذا يُعاقب الصادقون؟

بقلم الأستاد : محمد عيدني

تستند الكثير من الديناميكيات الاجتماعية إلى مفهوم الأوهام الجماهيرية، حيث يُعتبر قول الحقيقة في المجتمعات المتخلفة والمنافقة فعلًا محفوفًا بالمخاطر، يتطلب من صاحبه استعدادًا لخسارة الدعم الاجتماعي والعزلة.

 

يقول غوستاف لوبون في كتابه “سيكولوجية الجماهير”: “من يستطيع إيهام الجماهير يصبح سيدًا لهم، في حين أن من يسعى لكشف الأوهام يصبح ضحية لها”. هذا يتجلى في كيف أن بعض الأفراد يكونون قادرين على التحكم بمصائر الجماهير من خلال تقديم الأوهام التي تريحها، بينما يتم تهميش من يسعى لإظهار الواقع كما هو.

 

وقد أكّد الفيلسوف فريدريك نيتشه على هذا المبدأ، محذرًا من خطورة المثالية المفرطة. حيث قال: “لا تقع ضحية المثالية المفرطة وتعتقد بأن قول الحقيقة سوف يقرّبك من الناس. الناس يحبّون من يخدرهم بالأوهام، ومن يجرؤ على قول الحقيقة يعاقب في كثير من الأحيان”.

 

تُظهر هذه الأفكار كيف أن التفاعل بين الحقيقة والأوهام لا يزال له تأثير عميق على العلاقات الاجتماعية ومواقف الأفراد، مما يجعل من الصعب على الكثيرين اتخاذ موقف صادق دون تكبد عواقب اجتماعية. في عالم يحابي الأوهام، يبدو أن من يريد البقاء في دائرة العلاقات الاجتماعية عليهم أن يتوافقوا مع هذه الأوهام، بينما تبقى الحقيقة غالبًا صدى بعيدًا عن المناقشات العامة.