أصوات من الرباط
في خضم التحولات المستمرة التي يمر بها العالم. يواجه قطاع الصحافة أزمات غير مسبوقة تهدد وجوده واستمراريته. حيث أصبح وقف الدعم الاستثنائي الذي كان يشكل رافعة هامة للمقاولات الصحفية، سببًا في تفاقم الأوضاع. وبالتالي ترك العديد منها على حافة الإفلاس.
إن الأرقام تتحدث عن نفسها، حيث تعاني الكثير من المؤسسات من ضغوطات مالية خانقة. وهو ما ينعكس سلبًا على جودة وموضوعية المحتوى الإعلامي.
لكن التساؤل الذي يفرض نفسه بقوة هو: لماذا تأخر تقديم الدعم للمقاولات الصحفية في هذا التوقيت الدقيق؟. فالواجب يقتضي من الجهات المسؤولة إدراك أن الصحافة ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هي ركيزة أساسية في بناء المجتمع وتشكيل الوعي الجماهيري.
فالإعلام يعكس نبض الناس، ويعبر عن مشاغلهم وآمالهم. لذا فإن إغفال دعم الصحفيين وأرباب المقاولات يعد استهتاراً بمصالح المجتمع ككل.
إن الوضع المتأزم الذي يعيشه الصحفيون يتعدى حدود المشاكل الاقتصادية ليشمل ضغوطًا نفسيّة واجتماعية. فالعديد من الصحفيين يجدون أنفسهم عالقين بين عدم الاستقرار المالي والواجبات المهنية التي تزداد تعقيدًا يوماً بعد يوم.
إن انعدام الحماية والدعم اللازم يجعل الصحافيين كما المقاولات الصحافية عرضة لمخاطر متعددة. وهو ما يؤدي لإضعاف القدرة على تقديم محتوى صحفي يليق بمستوى التحديات التي تواجهها بلادنا.
والتساؤلات الملحة التي تبقى مطروحة هي ذات صلة بغياب الدعم. مع وجود لوبي مهيمن يؤثر على مسار القطاع؟. وهي تساؤلات تتطلب إجابات واضحة من قبل الجهات ذات الصلة. لكشف الحقائق القائمة على الأرض والآثار السلبية ذات الصلة بمعاناة الصحفيين.
إن سكوت المهنيين ليس دليل خوف بل احترام للظروف الحالية وما تمر منه بلادنا. لكن في الوقت ذاته يجب أن يتحول إلى صوت يجسد المطالب العادلة للصحفيين. فالمقاولات الصحفية ليست فقط كائنات اقتصادية، بل هي حاملة لواء الحقيقة وصوت من لا صوت له.
إن ضغوطات الحياة اليومية التي أصبح يعاني منها الكثير من الصحفيين، والتي لا تمكنهم حتى في الوصول لأبسط متطلبات العيش. مثل تأمين فنجان قهوة، تعكس عمق الأزمة التي يعيشها الصحفيون. فكيف يُمكن للصحفي أن يؤدي رسالته الوطنية والإنسانية بفاعلية في ظل معاناته الواقعية وقلقه اتجاه ضمان تأمين لقمة عيشه؟. فالرسالة التي يحملها الصحفي تتطلب منه الكثير من الشجاعة والتضحية، وهو ما يقتضي تقديم الدعم والرعاية من المجتمع والجهات المختصة لهاته الفئة الاجتماعية الاساسية في المجتمع.
إن إنقاذ الصحافة يستوجب تظافر الجهود والتفكير من خارج الصندوق لإيجاد حلول جذرية تدعم هذا القطاع الحيوي. فالحماية والرعاية للصحفيين ليست مجرد نداء عاجل، بل هي جزء من مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع. فهل آن الأوان لنسمع صوت الحق ونتحرك قبل فوات الأوان.