وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة: رافعة استراتيجية نحو مغرب أخضر ومستدام دينامية وتدبير البيئة
le point diplomatique
تعتبر وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة من بين أبرز الفاعلين المؤسساتيين في المغرب، لما تضطلع به من أدوار استراتيجية في تعزيز السيادة الطاقية وحماية البيئة وتوجيه الاقتصاد الوطني نحو مسارات خضراء ومستدامة. فالمملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، جعلت من التحول الطاقي أولوية وطنية وخياراً لا رجعة فيه، وذلك في أفق بناء نموذج تنموي جديد يرتكز على النجاعة الطاقية، العدالة المناخية، والتوازن بين التنمية والبيئة.
تعمل الوزارة على تنزيل رؤية طموحة ترتكز على تنويع مصادر الطاقة، خاصة من خلال الاستثمار في الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية والريحية والمائية. وقد ساهمت هذه الرؤية في جعل المغرب من الدول الرائدة قارياً ودولياً في هذا المجال، من خلال مشاريع عملاقة كمركب نور بورزازات الذي أصبح رمزاً عالمياً للطاقة الشمسية. كما تسهر الوزارة على تأهيل الإطار القانوني والمؤسساتي لضمان حكامة جيدة في تدبير القطاع الطاقي وتوفير مناخ جاذب للاستثمار.في موازاة ذلك، تشتغل الوزارة على عدة أوراش مهيكلة تهم التنمية المستدامة، من خلال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي تهدف إلى إدماج البعد البيئي في السياسات العمومية، وتثمين الموارد الطبيعية، وتقوية التوعية البيئية. كما تساهم في الوفاء بالتزامات المغرب الدولية في مجال التغيرات المناخية، من خلال تفعيل توصيات قمة المناخ “كوب 22” التي احتضنتها مدينة مراكش، والعمل على تقليص الانبعاثات الكربونية.
تلعب الوزارة دوراً تحفيزياً في دعم البحث العلمي والابتكار في ميادين الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، وتشجع على تكوين الكفاءات الوطنية القادرة على مواكبة التحولات العالمية في هذا القطاع الحيوي. كما تساهم في خلق فرص شغل جديدة، خاصة لفائدة الشباب، عبر دعم المشاريع الخضراء والمقاولات الناشئة في مجالات التكنولوجيا البيئية.إن وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليست فقط فاعلاً قطاعياً، بل هي اليوم رافعة استراتيجية للمغرب في مواجهة تحديات التغيرات المناخية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وبناء مستقبل يوازن بين النماء واحترام البيئة. ومن خلال استمرارها في ترسيخ مبادئ الاستدامة، فإنها تسهم في رسم ملامح مغرب جديد، أكثر ازدهاراً وتوازناً وتضامناً.التنمية المستدامة كحل فعال لتحقيق التنمية في إطار الجهوية المتقدمة. تُعد التنمية المستدامة من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها الدول في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، العدالة الاجتماعية، وحماية البيئة. وفي السياق المغربي، تبرز التنمية المستدامة كحل عملي واستراتيجي لتعزيز التنمية في إطار الجهوية المتقدمة، التي تبناها المغرب كخيار دستوري ومؤسساتي يروم ترسيخ الديمقراطية المحلية وتحقيق تنمية مندمجة وشاملة على مستوى مختلف الجهات.الجهوية المتقدمة، باعتبارها نموذجاً جديداً في تدبير الشأن العام الترابي، تتيح للجهات هامشاً واسعاً من الاستقلالية في التخطيط والبرمجة والتنفيذ. غير أن هذه الاستقلالية لا يمكن أن تؤتي أكلها إلا إذا كانت مؤطرة برؤية تنموية مستدامة، تضمن الاستغلال العقلاني للموارد، وتراعي خصوصيات كل جهة من حيث الثروات الطبيعية، الإمكانيات البشرية، والتحديات البيئية والاقتصادية.في هذا السياق، تكتسي التنمية المستدامة أهمية بالغة باعتبارها آلية لتأطير السياسات الجهوية وجعلها أكثر نجاعة وفعالية. فهي تدعو إلى تنمية الاقتصاد المحلي بشكل لا يُلحق ضرراً بالبيئة، وتحث على إشراك الفاعلين المحليين والمجتمع المدني في اتخاذ القرار، ما يعزز من الحكامة الترابية.
كما تسهم في تقليص الفوارق المجالية، عبر ضمان توزيع عادل للثروات والاستثمارات، وتمكين الجهات من استثمار مؤهلاتها الخاصة في إطار رؤية وطنية شاملة.من جهة أخرى، فإن تفعيل التنمية المستدامة على المستوى الجهوي يستدعي اعتماد مقاربات تشاركية في إعداد السياسات العمومية الترابية، وتطوير آليات الرصد والتقييم البيئي والاجتماعي، إلى جانب الاستثمار في التكوين وتعزيز القدرات لدى المنتخبين وموظفي الجماعات الترابية. كما يجب على الجهات أن تتبنى استراتيجيات مندمجة تشمل الطاقات المتجددة، الاقتصاد الأخضر، التدوير، والمحافظة على التنوع البيولوجي.
إن التنمية المستدامة ليست فقط شعاراً أو اختياراً ظرفياً، بل هي ضرورة ملحة لتحقيق تنمية جهوية حقيقية، تستجيب لتطلعات المواطنين، وتضمن العيش الكريم للأجيال الحالية والقادمة. وبهذا المعنى، فإن إدماج مبادئ التنمية المستدامة في تنزيل الجهوية المتقدمة يشكل مدخلاً أساسياً لبناء مغرب منصف، متوازن، ومزدهر على امتداد ترابه الوطني.