انخفضت أسعار خام “برنت” خلال التعاملات الآسيوية اليوم الثلاثاء، متأثرة بمخاوف من انخفاض الطلب على النفط بسبب تباطؤ الاقتصاد الصيني، الذي يعتبر من أكبر مستهلكي النفط في العالم. يأتي هذا التراجع في ظل انخفاض إنتاج النفط في ليبيا، وهو عامل كان من الممكن أن يؤدي إلى رفع الأسعار، إلا أن القلق بشأن الاقتصاد الصيني كان له تأثير أقوى على الأسواق.
في تفاصيل التداولات، هبطت العقود الآجلة لخام “برنت” بـ 37 سنتًا، أو بنسبة 0.48%، ليصل سعر البرميل إلى 77.15 دولارًا. وعلى الجانب الآخر، شهد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ارتفاعًا طفيفًا بمقدار 28 سنتًا ليصل إلى 73.55 دولارًا للبرميل، بعد أن أغلق تداولاته يوم الجمعة عند هذا السعر، مع العلم أن السوق الأمريكي كان مغلقًا يوم أمس الإثنين بسبب عطلة عيد العمال.
تشير هذه التحركات في السوق إلى أن المخاوف بشأن الاقتصاد الصيني تلقي بظلالها على التوقعات الخاصة بالطلب على النفط، في وقت تواجه فيه الصين تباطؤًا اقتصاديًا قد يؤثر على استهلاكها للطاقة. التباطؤ الاقتصادي الصيني ناتج عن عدة عوامل، من بينها تباطؤ قطاع التصنيع وتراجع الاستثمار، ما يزيد من الشكوك حول قدرة الصين على الحفاظ على مستويات الطلب المرتفعة على النفط في المستقبل القريب.
في الوقت نفسه، تعاني ليبيا من اضطرابات في إنتاج النفط بسبب التوترات السياسية والأمنية المستمرة في البلاد. كانت ليبيا قد أغلقت عدة حقول نفطية في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى تقليص إمدادات النفط في السوق العالمية. لكن هذا النقص في العرض لم يكن كافيًا لتعويض المخاوف بشأن ضعف الطلب الصيني.
التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن الأسواق العالمية تتأثر حاليًا بمزيج من العوامل التي تدفع الأسعار إلى التذبذب. فعلى الرغم من التوترات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي عادة ما تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بسبب مخاطر العرض، إلا أن القلق المتزايد بشأن الطلب، خاصة من الصين، يجعل المستثمرين أكثر حذرًا.
علاوة على ذلك، تتعرض أسعار النفط لضغوط إضافية نتيجة لتوقعات ارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة، حيث يسعى الاحتياطي الفيدرالي إلى السيطرة على التضخم. ارتفاع أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي، مما يزيد من الضغوط على الطلب على النفط.
المحللون يشيرون إلى أن الأسواق ستظل متقلبة في الأسابيع المقبلة، مع استمرار عدم اليقين بشأن مسار الاقتصاد العالمي، وخاصة في الصين والولايات المتحدة. توقعات الطلب على النفط قد تظل تحت الضغط إذا لم تظهر بيانات اقتصادية إيجابية تدعم تحسن الطلب في الصين والأسواق الكبرى الأخرى.
في المجمل، تبقى أسعار النفط حساسة للتطورات الاقتصادية العالمية، حيث يتابع المستثمرون عن كثب أي إشارات قد تشير إلى تحسن أو تدهور في الطلب العالمي على الطاقة. ومع استمرار التحديات الاقتصادية، قد تظل أسعار النفط تحت ضغط هبوطي، ما لم تحدث تطورات إيجابية كبيرة تدفع بالأسواق نحو الاستقرار.