بقلم الأستاذ محمد عيدني
في الآونة الأخيرة، شهدت مدينة فاس، التي تُعتبر عاصمة للعلم والثقافة، تحولات جذرية في المشهد الإعلامي، حيث تم تسليط الضوء على قضايا تتعلق بحقوق المراسلين الصحفيين وأهمية الاعتراف بمكانتهم القانونية والمهنية. وبدلاً من دعم الحريات الصحفية، يبدو أن هناك توجهًا نحو تقليص دور هؤلاء المراسلين، مما يثير التساؤلات حول مستقبل الصحافة في المنطقة.
تشير التقارير إلى أن بعض المواقع المحلية قد أوردت أخبارًا عن نية إلغاء اعتماد المراسلين الصحفيين، وهو ما يتعارض مع المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الحق في الحصول على المعلومات. إن المراسل الصحفي هو حلقة الوصل بين المجتمع والأحداث. إلا أن محاولات إقصائه من العمل تلقي بظلال من الشك على مصداقية العمل الصحفي.
القوانين الحالية في المغرب
بما في ذلك الظهير الحامي لحرية الصحافة، تمنع بشدة أي محاولات للإقصاء أو السيطرة على المهنة. المادة 58 تدعم فكرة أن “أي شخص يكتب سطرين يمكن أن يُعتبر صحفيًا”. مما يعكس روح الانفتاح وحرية التعبير. لذلك. فإن التوجه نحو تحجيم دور المراسلين لا يعتبر انتهاكًا لمبادئ الحريات فقط، بل يضرب أيضًا في صميم دستور 2011 الذي يكفل حرية الوصول إلى المعلومات.
من الضروري أن نتعرف على أن الحصول على بطاقة المقاولة للعمل كمراسل هو حق مشروع يضمن للمراسلين مكانتهم القانونية. المراسل يمثل جزءًا لا يتجزأ من المقاولة الصحفية، ولا يمكن الاستغناء عنه في إطار العمل الصحفي. وفي الوقت الذي يشتد فيه الحديث عن حرية الصحافة. فإن انتحال صفة الصحفي يعد خرقًا واضحًا للأخلاق المهنية. ويتعيّن على المقاولات الصحفية تحمل مسؤولياتها تجاه العاملين فيها. بما في ذلك المراسلين.
المشكلة تكمن في أن بعض الجهات تحاول احتكار المشهد الإعلامي من خلال فرض نظام خاص يعرقل عمل المراسلين، إذ يفتقر هؤلاء إلى الدعم الكافي من المقاولات الصحفية الرسمية. فبدلاً من مواجهة هذه التحديات، ينبغي العمل على تعزيز مكانة المراسلين وإرساء الأسس القانونية التي تحمي حقوقهم في الحصول على المعلومات والتعبير.
يطرح هذا الوضع سؤالًا مهمًا:
كيف يمكن للمجتمع المدني والإعلامي التصدي لمثل هذه الممارسات؟ يجب أن يكون هناك تنسيق مشترك بين الصحفيين والمجتمع لتعزيز حقوق المراسلين، والضغط من أجل تطبيق القوانين المناهضة للإقصاء، وذلك من خلال تنظيم ورشات عمل. ندوات ومؤتمرات لتسليط الضوء على أهمية دور المراسلين. كذلك. يمكن إنشاء منصات للتواصل بين المراسلين والمؤسسات الإعلامية لدعم تبادل الخبرات والمعلومات.
كما يتم تشجيع المراسلين
على تكوين جمعيات ونقابات. تعمل على الدفاع عن حقوقهم. مما يعزز قدرتهم على مواجهة التحديات التي قد يواجهونها في الساحة الإعلامية. هذا التعاون المشترك سيخلق بيئة إيجابية تدعم حرية الإعلام وتشجع على ممارسة المهنة بمسؤولية وأخلاق.
بتضافر الجهود، يمكن بناء مجتمع إعلامي قوي ومتوازن. يضمن حرية التعبير ويُعطي أهمية كبيرة لدور المراسلين كجزء أساسي من الصحافة. وبالتالي تعزيز الاستقلالية والمصداقية في العمل الإعلامي، مما سيساهم في تطور وتقدم الإعلام في فاس والمغرب عامة .