جريدة إلكترونية تهتم بالأخبار الدبلوماسية

هل سيتعرض رؤساء منصات التواصل الاجتماعي للمسائلة القانونية مثل نظرائهم في مجال العملات المشفرة؟

Le point diplomatique

فور هبوط طائرته الخاصة في مطار لو بورجيه على مشارف العاصمة الفرنسية باريس، بتاريخ 24 أغسطس/آب الجاري، ألقت شرطة البلاد القبض على مؤسس منصة تلغرام بافل دوروف. البيان الصادر عن الادعاء الفرنسي لاحقًا أفاد بأن الملياردير البالغ من العمر 39 عامًا احتُجز كجزء من تحقيق تجريه السلطات الفرنسية ضد منصة التواصل الاجتماعي “تلغرام”.

 

ويُمنح القضاة الفرنسيون مهلة حتى 28 أغسطس لاتخاذ قرار بشأن متابعة التهم أو إطلاق سراحه. هذا التوقيف، الذي لقي اهتمامًا واسعًا من مختلف دول العالم، أثار تصريحات متباينة من المسؤولين بين مؤيد ومعارض.

 

** تغييرات في اتجاه تنظيم الشبكات الاجتماعية

يمثل اعتقال دوروف في فرنسا تحولًا في الاتجاه ضمن جهود الجهات التنظيمية لمواجهة ما تسميه “التضليل والعنصرية المتفشية على وسائل التواصل الاجتماعي”، مع فرض المسؤولية الشخصية على المالك. وهذا الاعتقال قد يفتح المجال أمام اعتقال أي رئيس منصة تواصل اجتماعي تُتهم بالعنصرية، والتضليل، والسماح بنشر معلومات كاذبة من قبل مستخدميها.

 

** مقارنة مع حالات أخرى

هذه الحالة تذكّر بالتحقيقات والاعتقالات التي طالت أبرز رؤساء منصات العملات المشفرة، مثل مؤسس منصة FTX سام بانكمان فرايد، ومؤسس ورئيس منصة باينانس تشانغ بينغ تشاو، الذين انتهى بهم الأمر في السجن. قضايا اعتقال مسؤولي منصات العملات المشفرة، التي كانت في يوم من الأيام إمبراطوريات بقيم سوقية تتجاوز 80 مليار دولار، أصبحت مصدر قلق لرؤساء منصات أخرى من نفس العواقب.

 

بعد فشل الحكومات، خاصة في الولايات المتحدة، في إحكام الرقابة على هذه المنصات، بدأت موجة تحقيقات واسعة أدت إلى اتهام رؤساء منصات العملات المشفرة بالاحتيال وغسل الأموال. ففي أبريل/نيسان الماضي، حُكم على مؤسس “باينانس” بالسجن أربعة أشهر في الولايات المتحدة بسبب السماح بغسل الأموال عبر منصته. واستقال تشانغ بينغ تشاو من بينانس في نوفمبر/تشرين الثاني بعد شهور من التحقيقات، معترفًا بانتهاك القوانين الأمريكية. كما حكم على سام بانكمان فريد بالسجن لمدة 25 عامًا بتهمة الاحتيال المرتكب في منصة التشفير العملاقة “FTX”، بعد أن تبين أنه سرق مليارات الدولارات من العملاء.

 

** جهود تنظيمية وتحذيرات من الرقابة

فرنسا وعديد من الحكومات الأخرى تسعى لمكافحة ما تسميه “موجة التضليل والتحريض والعنصرية على منصات التواصل الاجتماعي”. ولكن حتى الآن، فشلت هذه الجهود في كبح جماح نشر المعلومات التي لا تتوافق مع مزاج العديد من الأنظمة حول العالم، رغم سنوات من التشريعات والجلسات والتهديدات.

 

بينما تقوم بعض الأنظمة الأخرى بمنع الولوج الطبيعي إلى منصات التواصل، مثل الأردن الذي منع في ديسمبر/كانون الأول 2022 الوصول إلى منصة تيك توك بسبب ما اعتبرته تقارير عن خطاب الكراهية والتحريض على التخريب.

 

** تدخل إيلون ماسك

من جهة أخرى، تُواجه منصة “إكس” التي يملكها الملياردير إيلون ماسك انتقادات من صناع السياسات الأوروبيين. فقد أعلنت المفوضية الأوروبية في يونيو/حزيران الماضي أن المنصة فشلت في مراعاة قانون الخدمات الرقمية الذي يتطلب من مالكي المنصات الكبيرة قمع المحتوى الكاذب والمضلل بشكل منهجي. ولم يقف ماسك مكتوف اليدين، بل دعا فرنسا في منشور على “إكس” إلى إطلاق سراح دوروف، محذرًا من أن اعتقاله قد يكون علامة على “أوقات خطيرة قادمة للديمقراطية”. ماسك يصف نفسه بشكل متزايد كمحارب ضد الرقابة المتزايدة وتجاوزات الحكومات. وفي وقت سابق من هذا الشهر، وجه إهانة إلى بروكسل بسبب نهجها الصارم في تنظيم منصات التواصل والذكاء الاصطناعي. في المقابل، طالب نشطاء على منصات التواصل باعتقال إيلون ماسك، مشيرين إلى أن موقفه من حرية التعبير على منصة “إكس” يتعارض مع ما تطالب به المفوضية الأوروبية.