جريدة إلكترونية تهتم بالأخبار الدبلوماسية

الدعم السعودي لقضية الصحراء المغربية يرفع الإيقاع ، و الجزائر تواصل غرقها في مستنقع العداء

le point diplomatique

في ظل تصاعد حدة التوتر بين المغرب و الجزائر، قال الكاتب المغربي طالع السعود الأطلسي ، أن المملكة العربية السعودية تلعب دورًا محوريًا في دعم مغربية الصحراء ، و قطع كل طرق المناورات السياسية التي تقودها الجزائر و صنيعتها البوليساريو . 

و قد استعرض الكاتب في مقال توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية بعنوان “قيادة الجزائر تحطب رِعَاعَها ضدّ المغرب”، سلسلة من الأحداث التي تؤكد على دعم هذه المملكة ، للوحدة الترابية للمغرب، بدءًا من مشاركتها في المسيرة الخضراء عام 1975 إلى إصدار ولي العهد السعودي مرسومًا يلزم جميع مرافق الدولة و هيئات الإعلام بتقديم خريطة المغرب كاملة.

نص المقال:

 

على مدى السنوات الأخيرة وحتى في الأشهر الأخيرة راكمت قيادة الجزائر مَوَاجع ديبلوماسية عبر انْحيازات سياسية لصالح المغرب في النِّزاع حول الصحراء المغربية و في العلاقات الخارجية المغربية عامة، التي أعلنتها الإدارة الأمريكية، ألمانيا، إسبانيا، الإمارات العربية المتحدة و إيطاليا التي رفضت حضور البوليساريو في المؤتمر الإيطالي الإفريقي و قبل أسبوع المملكة العربية السعودية.

 

منذ شاركت المملكة العربية السعودية بوفد رسمي في المسيرة السلمية لإسترجاع الأقاليم الصحراوية المغربية من الاحتلال الإسباني سنة 1975، وهي منسجمة مع اختيارها ذاك، المنحاز للحق الوطني المغربي وإلى اليوم وعلى مدى هذا النصف قرن.

 

اليوم، ضغطت المملكة على دوَّاسة السُّرعة القُصوى في مُمارسة قناعتها المُناصرة لشرعية المُنْجز الوحدوي الوطني المغربي.. أصدر وليّ عهدها مرسوما آمرا كل مرافق الدولة و هيئات الإعلام بإلْزامية تقديم خارطة المغرب كاملة، لا تمييز فيها بين الأقاليم الصحراوية المسترجَعة و بين بقية أقاليمه، و تثبيت مغربيتها في اسمها، و ليس أنها “صحراء غربية”.

من حيث المضمون، المرسومُ يكرِّس ما اقتنعت به الدولة السعودية ومارستْه مع المغرب وفي المحافل الإقليمية والدولية بخصوص مغربية الصحراء منذ سنة 1975. ومن حيث الدلالة، هو إجراء نوعي بحمولة سياسية قوية . القرارُ هام و إعلانُه أهَم.

 

القرار موجَّه للمؤسَّسات السعودية و لكن لكي يَسمع العالم، و في مُقدمة من عليْه أن يسمع المرسومَ و يتدبّره قيادة الجزائر. بل إنها “المعنية” الأولى به، و لعلَّها أوّل من يفترض أن يَستنتج بأن القرار مُقدمةٌ أو تمهيدٌ لما سيأتي. إعلان عن ضخ نفَس حارٍّ دافعٍ للعلاقات المغربية السعودية بكل تداعيات أو امتداد ذلك على التطوُّرات الديبلوماسية لقضية الصحراء المغربية. هو إعلان عن أن المملكة العربية السعودية ستتحول من موقع المُساند للمغرب في دفاعه عن وحدة ترابه الوطني إلى موقع الفاعل مَعَه في كل مساعيه ومُبادراته ومُوَاجهاته في المحافل الديبلوماسية. المملكة لم تُنتج موقفا جديدا في تعاطيها مع الحق الوطني الوحدوي المغربي، هي أكّدته، عَمّقته وأعلنتْه ساريَ المفعول في مؤسساتها الوطنية بقيمة المبدأ الرَّاسخ، و حملته بذلك قوة الإشعاع بالمثال في دوائر تحرُّكها الدولي، بدءا من مُحيطها العربي و في تمدُّدها الآسيوي، فضلا عن صلاتها الأمريكية والأوروبية التقليدية. و في كل تلك الدوائر تقول المملكة إنّها مع المغرب إصرارًا وجهارًا، وعلى قيادة الجزائر أن تكلِّف من يرصُد لها وقْع ذلك في تلك العلاقات، مع فاعلية الجاذبية المغربية، الأصلية و المُتصاعدة، اقتصاديا و سياسيا و استراتيجيا.

 

السياسات الكبرى هي مجموع تفاصيلها الجزئية، و تكون لها مقدماتٌ أو إرهاصاتٌ أو علاماتٌ تصدر منها، و تكون لها امتداداتٌ. تطوير العلاقات السعودية المغربية هو الكل، وهو المنطلق السياسي الاستراتيجي الذي هبَّت له القيادة السعودية. و أولى علاماته اجتماع مجْلس الأعمال السعودي المغربي بالرياض من 21 إلى 24 يناير المنصرم. و في سياقه انْعقد المُنتدى الاقتصادي السعودي المغربي الذي جمع أزيد من 300 مؤسسة أعمال من البلديْن. و هي أولى المبادرات التي سترفع التفاعل الاقتصادي المغربي السعودي إلى مُستوى عمَّق، أصالة و فعالية العلاقات السياسية بين البلدين. و هي مَهمَّة مَنُوطة، اليومَ، بنُخبة الأعمال، و هو ما يُقحمها في ما كان من انْشغالات مُقتصرة على الدَّوْلتيْن. الخط البحري الذي سيربِط ميناء جدَّة بميناء طنجة المتوسِّط هو أيضا مَعبَر بين الحركية الاقتصادية للبلدين، بين المشروع التنموي المغربي المتواصل و بين رُؤْية سنة 2030 السعودية الطموحة و المُنطلقة.

 

قيادة الجزائر، من خلالها إعلامِها، شَغَلت نفسها عن هذا التطور الهام في الفعل السعودي ذي الحمولة التاريخية في مُنطلقه و في هدفه بأن صعَّدت عدوانيتها ضدّ المغرب بتعليق خسارة المنتخب الجزائري لكرة القدم أمام الفريق الموريتاني، وإقصائه من تصفيات كأس إفريقيا للأمم، على مشْجَب “دسَائس” و”مُؤَامرات” السيد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في حملة إعلامية غاضبة و كاذبة، تُداري بها مُوَاجَهة القُصور البِنْيَوي في تدبيرها للشأن العام الجزائري، وضِمْنه الشأن الرياضي. وقد كشف إقصاء الفريق المغربي من تلك المُنافسة الرياضية عن حقيقة أنَّ الأمْر يتعلَّق بمنافسات رياضية، تحْتمل الفوْز والخسارة، وقد أصابه منها الإقصاء بعد مباراته مع فريق جنوب إفريقيا. وهو ما أنتج الفرحة “الجزائرية” المُعبَّر عنْها في الإعلام الجزائري وفي الساحة المركزية للعاصمة، التي تمَّ فيها إحراق قميص الفريق الوطني المغربي، وإِلْباس قِرْد نفس القميص و التحلّق حوله بشعار “المروكي حيوان”، في تظاهُرة مُنظَّمة ومحروسة بالشُّرطة الجزائرية. و حتى لوْ أن الفريق المغربي هو من هزم الفريق الجزائري ما كان الأمر، في الوضع الطبيعي، ليصل إلى حدّ حرْق القميص الرياضي وحَيْونَة المَغربي. أما وأنَّ الفريق المغربي انْهزَم مع فريق آخر، وبعْد إقصاء الفريق الجزائري، وفي مُنافسة رياضية، لماذا هذه العُدوانية المُفْرِطة ضده. المكْبوت لدى مُدبري هذا السعار كشفه الإعلام، الّذي، دقائق بعد هزيمة المغرب، كتب بأن “جنوب إفريقيا (وليس فريقها الكُروي) صَعَقت المغرب (و ليس فريقه الرياضي) و قصَفَتْه”. وهات ما عندك من مُفردات حربية عُدوانية إلى أن تمّ التصعيد الفعلي بإشعال النار في قميص الفريق الكُروي المغربي و”حيْونة” المغربي عامة. المكبوت في هذه العدوانية هو جَمَرات حِقد مُلتهبة و غائِرة في دواخل الحُكم الجزائري ضد المغربي، و ما خرَج منْها للعَلَن لا يفسره انْتصار مُنتخب كرة القدم لجنوب إفريقيا. بل تفسِّره سلسلة هزائم قيادة الجزائر الديبلوماسية أمام المغرب، وآخرها جلجلة “نقطة النظام” السعودية أمام حكَّام الجزائر.

 

لم ينفع قيادة الجزائر غضبها من الدول التي تحدّتها وبخَّسَت غازَها، و انْحازت إلى الحق الوطني المغربي، كما فعلت مع إسبانيا و الإمارات، مثلا، حتى الآن. تلك القيادة لم ترفع صوتها على المملكة السعودية، ولكنها لم تكتُم غيْظها من المغرب إلى حدّ تحويل خروجه من مُنافسات كأس إفريقيا لكرة القدم إلى فرحة حاقدة وعدوانية حارقة… ونارُ الحقد تحرق صاحبها أولا وليس إلا هو أخيرا.

 

إنها درجة عُليا من عدوانية حكام الجزائر، جنّدوا فيها بعض رِعاع الشارع، وحمّلوهم إشارات بالغة الخطورة ودالَّةٍ على ما يُضمرونَه للشعب المغربي قاطبة. هل بإمكان الأمل في أن يُسمع صوتُ عاقل في الجزائر، يَحفظ للأخوة المغربية الجزائرية حُرمَتها وتاريخَها، ويُخمِد نار العداوة ضد المغرب حتى لا تمتدّ “لتأكُلَ” آمال الأخُوة المغربية الجزائرية.. تلك الآمال التي تُبعْثِرُها قيادة الجزائر و صانَها منذ الكفاح المشترك ضد الاستعمار، و يصونُها المغاربة.